سورة النساء - تفسير تفسير الواحدي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (النساء)


        


{مذبذبين بين ذلك} مُردَّدين بين الكفر والإِيمان، ليسوا بمؤمنين مخلصين، ولا مشركين مصرِّحين بالشِّرك {لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء} لا من الأنصار، ولا من اليهود {ومن يضلل الله فلن تجد له سبيلاً} من أضلَّه الله فلن تجد له ديناً.
{يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا الكافرين أولياء من دون المؤمنين} يعني: الأنصار. يقول: لا توالوا اليهود من قريظة والنَّضير {أتريدون أن تجعلوا لله عليكم سلطاناً مبيناً} حجَّة بيِّنة في عقابكم بموالاتكم اليهود، أيْ: إنَّكم إذا فعلتم ذلك صارت الحجُّة عليكم في العقاب.
{إنَّ المنافقين في الدرك الأسفل من النار} أَيْ: في أسفل درج النَّار {ولن تجد لهم نصيراً} مانعاً يمنعهم من عذاب الله.
{إلاَّ الذين تابوا} من النِّفاق {وأصلحوا} العمل {واعتصموا بالله} التجأوا إليه {وأخلصوا دينهم لله} من شائب الرِّياء {فأولئك مع المؤمنين} أَيْ: هم أدنى منهم بعد هذا كلِّه، ثمَّ أوقع أجر المؤمنين في التَّسويف لانضمامهم إليهم فقال: {وسوف يُؤتي الله المؤمنين أجراً عظيماً}.
{ما يفعل الله بعذابكم} بعذاب خلقه {إن شكرتم} اعترفتم بإحسانه {وآمنتم} بنبيِّه {وكان الله شاكراً} للقليل من أعمالكم {عليماً} بنيَّاتكم.
{لا يحب الله الجهر بالسوء من القول} نزلت ترخيصاً للمظلوم أنْ يجهر بشكوى الظَّالم، وذلك أنَّ ضيفاً نزل بقوم فأساؤوا قِراه، فاشتكاهم، فنزلت هذه الآية. رخصةً في أن يشكوا، وقوله: {إلاَّ من ظلم} لكن مَنْ ظُلم فإنَّه يجهر بالسُّوء من القول، وله ذلك {وكان الله سميعاً} لقول المظلوم {عليماً} بما يضمره، أَيْ: فليقل الحقِّ، ولا يتعدَّ ما اُذن له فيه.
{إن تبدوا خيراً} من أعمال البرِّ {أو تخفوه أو تعفوا عن سوء} يأتيك من أخيك المسلم {فإنَّ الله كان عفواً} لمَنْ عفا {قديراً} على ثوابه.
{إنَّ الذين يكفرون بالله ورسله} هم اليهود كفروا بعيسى عليه السَّلام والإِنجيل، ومحمدٍ عليه السَّلام والقرآن {ويريدون أن يفرِّقوا بين الله ورسله} بأن يؤمنوا بالله ويكفروا بالرُّسل {ويقولون نؤمن ببعض} الرّسل {ونكفر} ببعضهم {ويريدون أن يتخذوا بين ذلك سبيلاً} بين الإِيمان بالبعض، والكفر بالبعض ديناً يدينون به.
{أولئك هم الكافرون حقاً} أَيْ: إنَّ إيمانهم ببعض الرُّسل لا يُزيل عنهم اسم الكفر، ثمَّ نزل في المؤمنين.
{والذين آمنوا بالله ورسله..} الآية.


{يسألك أهل الكتاب...} الآية. سألت اليهود رسول الله صلى الله عليه وسلم أَنْ يأتيهم بكتابٍ جُمْلَةً من السَّماء، كما أتى به موسى، فأنزل الله تعالى هذه الآية. وقوله: {فقد سألوا موسى أكبر من ذلك} يعني: السَّبعين الذين ذكروا في قوله: {وإذ قلتم يا موسى لن نؤمن لك...} الآية. {ثمَّ اتخذوا العجل} يعني: الذين خلَّفهم موسى مع هارون {من بعد ما جاءتهم البينات} العصا، واليد، وفلق البحر {فعفونا عن ذلك} لم نستأصل عبدة العجل {وآتينا موسى سلطاناً مبيناً} حجَّةً بيِّنةً قوي بها على مَنْ ناوأه.
{ورفعنا فوقهم الطور} حين امتنعوا من قبول شريعة التَّوراة {بميثاقهم} أَيْ: بأخذ ميثاقهم {وقلنا لهم لا تعدوا في السبت} لا تعتدوا باقتناص السَّمك فيه {وأخذنا منهم ميثاقاً غليظاً} عهداً مؤكَّداً في النبيِّ صلى الله عليه وسلم. {فبما نقضهم ميثاقهم} أَيْ: فبنقضهم، و{ما} زائدةٌ للتَّوكيد، وقوله: {بل طبع اللَّهُ عليها بكفرهم} أَيْ: ختم الله على قلوبهم فلا تعي وَعْظاً، مجازاةً لهم على كفرهم، {فلا يؤمنون إلاَّ قليلاً} يعني: الذين آمنوا.
{وبكفرهم} بالمسيح {وقولهم على مريم بهتاناً عظيماً} حين رموها بالزِّنا.
{وقولهم إنا قتلنا المسيح عيسى ابنَ مريم رسول الله وما قتلوه وما صلبوه ولكن شبه لهم} أَيْ: ألقي لهم شبه عيسى على غيره حتى ظنُّوه لمَّا رأوه أنَّه المسيح {وإنَّ الذين اختلفوا فيه} أَيْ: في قتله، وذلك أنَّهم لمَّا قتلوا الشَّخص المشَبَّه به كان الشَّبَه أُلقي على وجهه، ولم يُلق على جسده شبهُ جسدِ عيسى، فلمَّا قتلوه ونظروا إليه قالوا: الوجه وجه عيسى، والجسد جسد غيره، فاختلفوا، فقال بعضهم: هذا عيسى، وقال بعضهم: ليس بعيسى، وهذا معنى قوله: {لفي شك منه} أَيْ: مِنْ قتله {ما لهم به} بعيسى {من علم} قُتِل أو لم يقتل {إلاَّ اتباع الظن} لكنَّهم يتَّبعون الظَّنَّ {وما قتلوه يقيناً} وما قتلوا المسيح على يقين من أنَّه المسيح.
{بل رفعه الله إليه} أَيْ: إلى الموضع الذي لا يجري لأحدٍ سوى الله فيه حكمٌ وكان رفعُه إلى ذلك الموضع رفعاً إليه؛ لأنَّه رُفع عن أن يجري عليه حكم أحدٍ من العباد {وكان الله عزيزاً} في اقتداره على نجاة مَنْ يشاء من عباده {حكيماً} في تدبيره في النَّجاة.
{وإن من أهل الكتاب إلاَّ ليؤمنن به} أَيْ: ما مِن أهل الكتاب أحدٌ إلاَّ ليؤمننَّ بعيسى {قبل موته} إذا عاين المَلَك، ولا ينفعه حينئذٍ إيمانه، ولا يموت يهوديٌّ حتى يؤمن بعيسى {ويوم القيامة يكون عليهم شهيداً} على أنْ قد بلَّغ الرِّسالة، وأقرَّ بالعبوديَّة على نفسه.
{فبظلم من الذين هادوا...} الآية. عاقب الله اليهود على ظلمهم وبغيهم بتحريم اشياء عليهم، وهي ما ذُكر في قوله: {وعلى الذين هادوا حرَّمنا كلَّ ذي ظُفرٍ...} الآية.


ثمَّ استثنى مؤمنيهم فقال: {لكن الراسخون} يعني: المبالغين في علم الكتاب منهم، كعبد الله بن سلام وأصحابه {والمؤمنون} من أصحاب محمدٍ صلى الله عليه وسلم {يؤمنون بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك والمقيمين الصلاة والمؤتون الزكاة والمؤمنون بالله واليوم الآخر أولئك سنؤتيهم أجراً عظيماً} ظاهرةً إلى قوله: {رسلاً مبشرين}.

4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10 | 11